Descriptions
عدد الصفحات: 240 ص
لَعَلَّ مِنْ أَبْرَزِ مُمَيِّزَاتِ شَاعِرِيَّةِ العَلَّامَةِ سَيِّدِي أَحْمَدَ سُكَيْرِجَ انْصِرَافَهُ شِبْهَ الكُلِّيِّ نَحْوَ جَانِبِ المَدِيحِ، وَذَلِكَ بِشِقَّيْهِ، الشِّقُّ الأَوَّلُ المُتَعَلِّقُ بِمَدْحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالشِّقُّ الثَّانِي الَّذِي هُوَ مَوْضُوعُ دِيوَانِنَا هَذَا، وَالمُتَعَلِّقُ بِمَدْحِ الشَّيْخِ الخَتْمِ سَيِّدِنَا أَبِي العَبَّاسِ التِّجَانِي الحَسَنِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،
وَالشِّقُّ الثَّانِي هُوَ مَوْضُوعُ دِرَاسَتِنَا الحَالِيَةِ، فَانْصِرَافُ العَلَّامَةِ سُكَيْرِجَ لِهَذَا الجَانِبِ مِنَ المَدْحِ نَابِعٌ عَنْ شَدِيدِ مَحَبَّتِهِ لِهَذَا الشَّيْخِ الجَلِيلِ، وَتَقَيُّدِهِ بِطَرِيقَتِهِ، وَسَيْرِهِ عَلَى خُطَى مِنْهَاجِهِ.
فَفِي كُلِّ قَصِيدَةٍ مِنْ قَصَائِدِ هَذَا الدِّيوَانِ المُبَارَكِ نَشْعُرُ بِنَبَضَاتِ قَلْبِ شَاعِرِنَا الجَلِيلِ [العَلَّامَةِ سُكَيْرِجَ] وَهِيَ نَبَضَاتٌ صَادِقَةٌ بِكُلِّ مَا تَحْمِلُهُ الكَلِمَةُ مِنْ مَعْنَى، كَمَا أَنَّهَا مُعَبِّرَةٌ عَنْ إِخْلَاصِهِ التَّامِّ فِي مَحَبَّةِ هَذَا الشَّيْخِ المُبَارَكِ، وَتَعَلُّقِهِ بِهِ وَانْصِهَارِهِ ضِمْنَ مُحِيطِهِ.
فَهَذِهِ الصِّفَاتُ هِيَ الَّتِي كَانَتْ الدَّافِعَ وَرَاءَ هَذَا الدِّيوَانِ المُبَارَكِ، وَبِطَبِيعَةِ الحَالِ فَهَذِهِ الصِّفَاتُ لَمْ تَأْتِي مِنْ فَرَاغٍ، فَالرَّجُلُ نَشَأَ وَتَرَبَّى فِي مُحِيطٍ صُوفِي، فَكِلَا أُسْرَتَيْهِ، سَوَاءٌ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ كَانَا مِنْ أَعْلَامِ الطَّرِيقَةِ التِّجَانِيَةِ وَخَالِصِ مُرِيدِيهَا، فَلِهَذَا فَشَاعِرُنَا الجَلِيلُ [العَلَّامَةُ سُكَيْرِجُ] أَبْصَرَ نُورَ الحَيَاةِ فِي مُحِيطِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ، وَبِرِحَابِهَا تَرَعْرَعَ وَشَبَّ، كَمَا تَتَلْمَذَ بِالقَرَوِيِّينَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ جُلَّةِ أَعْلَامِهَا وَرُوَّادِهَا الكِبَارِ، كَالعَلَّامَةِ سَيِّدِي مَحَمَّدٍ بْنِ مُحَمَّدٍ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ كَنُّونَ، وَسَيِّدِي عَبْدِ المَالِكِ العَلَوِي الضَّرِيرِ، وَسَيِّدِي عَبْدِ اللَّهِ البَدْرَاوِي، وَسَيِّدِي إِبْرَاهِيمَ العَلَوِي اليَزِيدِي، وَسَيِّدِي عَبْدِ الكَرِيمِ بْنِ العَرَبِي بَنِّيسَ، وَآخَرِينَ.
عُمُوماً فَالرَّجُلُ فَتَحَ عَيْنَيْهِ عَلَى الطَّرِيقَةِ مُنْذُ أَوَّلِ وَهْلَةٍ مِنْ حَيَاتِهِ، عَاشَ طُفُولَتَهُ عَلَى صِلَةٍ بِالزَّاوِيَةِ الكُبْرَى بِفَاسٍ، حَيْثُ كَانَ يَصْطَحِبُهُ مَعَهُ لِذِكْرِ الوَظِيفَةِ كَثِيرٌ مِنْ أَقَارِبِهِ، سَوَاءٌ مِنَ الذُّكُورِ وَالإِنَاثِ، وَانْطِلَاقاً مِنْ هَذَا يَقُولُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُ ضِمْنَ إِحْدَى قَصَائِدِ هَذَا الدِّيوَانِ:
فَإِلَيْكَ انْتَسَبْتُ مُذْ كُنْتُ لَا لِلـ * ـغَيْرِ حُبِّي مُؤَصَّلٌ مِنْ عُرُوقِ
Add a review